جرائم قتل ضحاياها نســـــــــــــــاء

مشهد (إيران): مايكل سلاكمان



كانت تقف على ناصية احد الشوارع في مشهد ترتدي الشادور. وعندما توقفت سيارة صالون بيضاء، ركبت المرأة السيارة بلا تردد. وقالت ان اسمها سيمين حسيني واجرتها خمسة دولارات.
ربما كانت متعبة، او يائسة او الاثنتين معا، ولكنها اكدت انها لا تشعر بالقلق من ركوب سيارة مع شخص غريب، بالرغم من ان هناك سفاحا يستهدف المومسات اللائي يبعن اجسادهن في شوارع واحدة من اكثر المدن قداسة في ايران.

فمنذ شهر يوليو (تموز) العام الماضي، قتلت خنقا 12 من «نساء سيارات النقل»، اللائي يطلق عليهن هذا اللقب لان سائقي سيارات النقل هم زبائنهن الرئيسيون. وفي كل حالة كان السلاح المستخدم هو نفسه: غطاء رأس معقود مرتين من الجانب الايمن للرقبة. ووصفت الصحافة هذه الجرائم بـ«قتل العنكبوت» بسبب الطريقة التي يتم بها لف الجثث في الشادور قبل التخلص منها في الشوارع الفرعية او القنوات.

وقالت سيمين حسيني بلا قلق «لقد سمعنا ان القتلة من المتدينين... لكنني يجب ان اعمل، لدي نفقات، اعمل بالنهار عندما تكون الاوضاع آمنة».

وحسب احاديث المجالس فان عمليات القتل هذه اصبحت جبهة اخرى في المعركة بين المحافظين والاصلاحيين. ويعتقد البعض انها مؤامرة تهدف الى اضعاف موقف الرئيس محمد خاتمي، الذي حاول ان يفتح الابواب ويجبر المحافظين على مواجهة قضايا اجتماعية صعبة.

ويشير علي تاجرينا، العضو الاصلاحي في المجلس النيابي الايراني الى «ان الذين فعلوا ذلك، يريدون اضعاف موقف الحكومة، وبما ان مشهد هي معسكر المحافظين، فذلك يعتبر مقاومة ضد الجماعة الاصلاحية».

وذكر زائري صفات نائب الحاكم العام لشؤون الامن وتطبيق القانون في اقليم خراسان الذي تتبعه مشهد، انه لا توجد اي ادلة على وجود مؤامرة، ولكن المحافظين المتدينين لا يشعرون بالقلق من هذه القضية. وقال «مجتمعنا لا يمكنه قبول العلاقات التي تتم خارج نطاق الزوجية». ولكنه اكد انه لا يبرر القتل.

واضاف صفات «اذا نظرنا الى عدد جرائم القتل في مشهد في اطار مشاعر القلق المنتشرة في المجتمع، وعدد السكان في مشهد، وقارنا ذلك بالمجتمعات الاخرى، فإن عدد الجرائم لا يبدو كبيرا». واوضح ان مشهد، التي يعيش فيها 1.5 مليون شخص شهدت 41 جريمة قتل في العام الماضي.

وتقول فاطمة مانصوريان مديرة المنظمة الوحيدة والاولى من نوعها غير الحكومية المسموح لها بالتعامل مع قضية الدعارة في ايران، انه «بسبب الاوضاع الخاصة في ايران، لا يريدون الاعتراف بوجود مثل هذه المشكلة. نحن دولة اسلامية، ليست لدينا دعارة، ولا مدمني مخدرات، ان الخطوة الاولى هي ضرورة القول «نعم لدينا مومسات ولدينا مشاكل».

وكان قد عثر على اول جثة من ضحايا جرائم «قتل العنكبوت» في شهر يوليو العام الماضي ملقاة على قارعة الطريق. وهي لامرأة تدعى افسنه، في الثلاثين من عمرها، وهي مدمنة مخدرات صدرت ضدها احكام من قبل، ولم يهتم احد بالجريمة. وفي الاسبوع التالي قتلت مومستان خنقا، كلاهما بنفس طريقة العقدتين في الجانب الايمن من الرقبة. ولم يحظ الامر بالاهتمام الى ان تم العثور على ثلاث جثث اخرى بعد خمسة اشهر، وعندئد اعترفت الشرطة بوجود علاقة بين جرائم القتل، وشكلت وحدة تحقيقات خاصة.

واشارت الصحف المحلية امس الى ان جرائم القتل هي من اعمال جماعات مدنية دينية. وحظيت الانباء باهتمام في مشهد ولكن بقلق عظيم في العاصمة طهران. ففي العاصمة اصدر البرلمان الاصلاحي اوامره بإجراء تحقيق واستدعى وزير المخابرات لاستجوابه. وذكر اعضاء البرلمان انهم غير راضين عن الاجابات التي تلقوها. وفي 11 ابريل (نيسان) الماضي، ومع وصول عدد الجرائم الى تسع، تم تكليف وحدة خاصة من العاصمة بمتابعة الموضوع.

ويبدو ان القاتل او القتلة ردوا على ذلك بقتل ثلاث مومسات اخريات.

وذكرت السلطات ان لديها ثلاث نظريات. الاولى تتعلق بالمتشددين. فعندما كان الشاه في السلطة قبل عشرين سنة، والدعارة مقننة، كانت الجماعات الدينية تهاجم المحلات التجارية التي تبيع الكحول، ودور السينما التي تعرض افلاما يعتبرونها فاضحة. ويرى البعض ان جرائم القتل الحالية امتداد لذلك، بينما يرى البعض الآخر انها جرائم مسيسة، لاضعاف خاتمي قبل الانتخابات التي جرت في 8 يونيو (حزيران) الماضي. وذكر صفات ان المحققين يركزون على تلك الدوافع المحتملة ولكنه يميل لاحتمال آخر، وهو ان مرتكب هذه الجرائم شخص واحد قام بذلك انتقاما.

واضاف زائري صفات «ان ارسال رسالة سياسية خاصة للمجتمع يتطلب اختيار جماعة اخرى. والمومسات جماعة صغيرة وغير مهمة... لماذا تقتل مومسات معزولات ومنسيات؟».

تجدر الاشارة الى ان التحقيقات تسير ببطء، وفي الوقت الذي يلوم فيه تاجرينا العضو الاصلاحي في البرلمان، القوى المحافظة لمحاولتها اجهاض التحقيق، فإن العادات والقيم المحلية تلعب دورا. فأسر النساء المقتولات، على سبيل المثال، تشعر بالخجل الشديد من ظروف جريمة القتل لدرجة انها ترفض تسلم الجثث، بل ولا تطالب بالتحقيق. كما لا توجد ضغوط من المجتمع للبحث عن القاتل او القتلة والقبض عليهم